لو نلقي نظرة على ما هو موجود في المجتمع من تنظيمات رسمية {جمعيات,منظمات, و جماعات مختلفة سواء كانت تربوية أو سياسية أو اجتماعية أو خيرية أو دينية…الخ} أو غير رسمية {أصدقاء,رفاق,أشرار…الخ.}فلا بد و أن نجدها تعتمد في الوصول إلى أهدافها على أسلوب أو طريقة معينة تكون غالب الأحيان خاصة بها و مميزة بها عن غيرها من التنظيمات.وتعتبر هذه الطريقة هي الأسلوب الذي يجب العمل به داخل هذا التنظيم أو المؤسسة.كما أن تفهم المسؤولين والرؤساء و الأعضاء في كل تنظيم لهذا الأسلوب و إيمانهم بأهميته و العمل على تطبيقه هو أساس تقدم هذا التنظيم و نجاح المسؤول.ويختلف هذا الأسلوب من مؤسسة لأخرى و من جماعة لأخرى.
فنلاحظ مثلا أن طريقة المدرسة تعتمد على التدريس في الأقسام و جعل الاختبارات و الفروض والسلوك الشخصي للتلميذ وسيلة توصل للنجاح أو الفشل و العقوبات والردع.ويرغم الطفل ويكره على الدراسة سواء من طرف الوالدين أو المعلم فالطفل الذي يراجع دروسه و يسهر الليالي يكون النجاح حليفه أما الكسول الغير مبالي فيرسب و يتعرض في معظم حصص الدرس للعقوبات أو حتى الضرب من طرف المعلم و ولي أمره.وقليل ما نجد معلما يقاسم الطفل همومه وأفراحه و أحزانه و مشاكله أو يعامله كالأخ أو الأب و يبحث في أسباب عدم نجاحه و إهماله للدراسة بل تنتهي مهمته بمجرد الخروج من القسم.
ونلاحظ كذلك في الجندية {الجيش} يعتمد على إعطاء و تنفيذ الأوامر بدون مناقشة أو أن المناقشة حتى إذا كانت فتكون بعد تنفيذ الأمر وينفذ الجندي أو الطالب الأوامر في غالب الأحيان مكرها متضمرا غاضبا ومسلوب الحرية لانه غير مقتنع بما يفعل ناهيك لما يتعرض له من الإهانة في حالة الرفض ويتم التدريب في الجندية بالتركيز على الإعداد البدني و العسكري ويركز على إسقاط العقاب اكثر من منح الثواب وبمرور الوقت يصبح حتى العقاب لا يجدي نفعا في تقويم سلوك الجندي…
وهناك جمعيات خاصة بالأطفال و الشباب تهدف لشغل أوقات الفراغ بما يعود على الشاب أو الطفل و على مجتمعه بالخير و النفع عن طريق الألعاب و التسلية والرحلات…الخ.لكنها لا تركز على تنميته في جميع النواحي.وجماعات الأشرار تعتمد على الاعتداء و التدرب على طرق الاحتيال و المكر و الخديعة و السلب و النهب و القوة و كل شر وقد يكون مصير المنشق عنها في بعض الأحيان الموت.
لكن نلاحظ أن الحركة الكشفية لها أسلوبها الخاص بها ليضمن لها الاستمرارية و البقاء و يميزها عن غيرها فما هي هذه الطريقة و ا هي ميزاتها؟
لما خطط مؤسس هذه الحركة للكشفية ركز من خلال دراساته و تجاربه وملاحظاته على شيئين اثنين و اللذان كان لهما الأثر الكبير في حياته و هما الحياة العسكرية و التدين
فعلى الأول و ما يحتويه من فنون و مهارات و تنظيم وصبر…الخ و على الثاني و ما يحتويه من صفات حميدة و خدمة الغير و الابتعاد عن الحياة المادية أي الابتعاد بالكشاف على المادة و التركيز على الروح فهو يعمل و يتطوع ويفعل الخير و ينتظر الثواب و المقابل من ربه فيكون عمله إرضاء لله و خدمة لمجتمعه.ولهذا يقول بادن باول {الكشفية والإلحاد لا يلتقيان}.ويقول في رسالة ختامية بعث بها إلى المشاركين بدورة تدريبية في العهد الأول للكشفية جاء فيها{{و أخيرا ابعث إليكم بتوصية ستعينكم ادعوها :{الإيمان بأربع}
– الإيمان بالفتيان:- العناية بهم بصدق و أمانة و أن نؤمن بإمكانية وصولهم إلى رجولة كاملة و وطنية صالحة في بلدانهم والعالم.
– الإيمان بالكشفية:- بطرقها ببساطتها و بصدقها لمساعدة الفتى للنور بكل وسيلة ممكنة.
– الإيمان بالنفس:- أن نثق بأنفسنا و بمقدرتنا على إيصال معاني الكشفية إلى الفتيان.
– الإيمان بالله:- و هو قبل كل إيمان و قبل كل شيء إذ بغير عونه و قدرته لا نستطيع أي عمل و لا نتمكن من تخطي أي عقبة.}}.
و لهذا نختلف نحن عن الآخرين بأننا نأخذ بيد الفتى كي يتعلم بنفسه و وفق رغبته و هدفنا كذلك المساهمة في تنمية قدرات الافراد روحيا و عقليا و بدنيا و اجتماعيا ليكونوا أفرادا صالحين و مسؤولين في مجتمعاتهم.
وتتمثل عناصر الطريقة الكشفية في :-الوعد و القانون,نظام الطلائع,نظام الشارات,التعلم بالممارسة,حياة الخلاء.
***الوعد و القانون:-
إن هذان البندان هما روح الطريقة الكشفية بل الكشفية بأسرها و التمسك بهما هو الذي يضمن سير الحركة و بقائها و هو الذي يميزها عن غيرها من المنظمات الشبانية الأخرى و الجمعيات المشابهة و هو الذي يعطيها الصبغة الكشفية.
فالوعد الكشفي و الذي هو التزام بعهد يأخذه عضو الحركة على نفسه دون إكراه أو إرغام بان يؤدي ما عليه من واجبات نحو الله بالعبادة الحقة و نحو الآخرين الأسرة الوطن الأمة العالم و نحو ذاته تعليما و تثقيفا و خلقا كريما وصحة و حفظ النفس.
و القانون الكشفي و هو مجموعة من الصفات الحميدة التي يسعى كل كشاف للتحلي بها و يسلكها في حياته لتكون منهجا له كالصدق و الإخلاص و النظافة…الخ.إن إعداد المواطن المسؤول الذي تسعى له الحركة الكشفية هو ذلك الشخص الإيجابي الملتزم و المتصف بالسلوك الحميد النافع الذي يؤدي عمله بفرحة و إخلاص و لذة ومتعة و على اكمل وجه و هذا الذي يشعر به الكشاف و هذا مثلا ما لمسه الجوالة و القادة الكشافون في الجزائر في زلزال بومرداس سنة 2003 حيث كانت الكارثة كبيرة و العمل في الإنقاذ و محو آثار الكارثة و توزيع المؤن والإسعاف …الخ, متواصل ليل نهار و الكشافون يعملون بجد وكد و البسمة على وجوهم عملا بالقانون الكشفي القائل{الكشاف يشدوا ويبتسم أمام الشدائد}.وهدفهم من وراء ذلك إرضاء ربهم و الحصول على الأجر و خدمة مجتمعهم عكس ما لمسناه من بعض الفئات الأخرى العاملة في العملية,فقد سألني مرة أحدهم و هو مأجور نتيجة تسخيره في العملية فقال:كم تتقاضون من الأجر جراء هذا العمل الشاق الذي تقومون به؟,فقلت له:نحن متطوعون نعمل لوجه الله ,فقال:هذا غريب كيف قطعتم مسافة 800كلم وزيادة على ذلك لا تأخذون أجرة على عملكم المميز؟.فنحن الكشافة إذا نعمل بقناعة و حسب إرادتنا و البسمة على وجوهنا و هكذا تربينا في هذه الحركة الواعدة.و الكثير من تأخذهم الحيرة و الدهشة لما يرونه من الأعمال الجليلة التي يقوم بها تطوعا الكشافون في المملكة العربية السعودية في موسم الحج أو الأعمال الجبارة التي قام بها الكشافون في لبنان هذه السنة جراء الهجمة الشرسة التي شنتها القوات الإسرائيلية على بلدنا الشقيق لبنان.
إذا فالقانون و العهد الكشفي هما صلب ما يأمرنا به ديننا الحنيف إذا فالكشاف لا يقف عند احترام الدين و تقديسه بل هو لا يرى الاحترام و التقديس إلا بالقيام بما أوجبه الدين عليه من امتثال للأوامر و اجتناب للنواهي و مرتجاه الأخير أن يدخل جنة الفردوس.إذا فلا ننتظر تطورا للمجتمع إذا كان المسؤول الذي نريد إيجاده لخدمة الوطن و المجتمع موصوف بصفات مناقضة لما ذكرناه و لا يكون من ورائه إلا الشقاء و الطامة الكبرى و المصيبة العظيمة التي ستحل العباد والبلاد.
***نظام الطلائع {نظام المجموعات الصغيرة}:-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{{مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى}}.و يقول أيضا{{إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحد منكم}}.و يقول المثل العامي {{مصير الباخرة التي يكثر فيها عدد من الربان أو القادة الغرق}}.
نستشف مما سبق أن نظام الطلائع أو ما يسمى بنظام المجموعات الصغيرة انه يحث على التعاون و يقضي على أولئك المتوانين و المتكلين والكسالى حيث انه لا يترك أحدا في الطليعة بدون مهمة ما.و إن أي خلل في أداء مهمة ما سيؤدي ذلك الخلل إلى زعزعة الطليعة و يشل أركانها.وهذا ملاحظ في كثير من الجمعيات و التنظيمات انه لما يتم توزيع المهام على الأعضاء نجد أن هذا التنظيم بعد عدد من الشهور يتخلى الكثير منهم عن مهمته فيبقى يقوم بجميع المهام اثنان أو ثلاثة من الأعضاء لفترة قصيرة و لما يشعروا بالتعب يتوقف الجميع عن أداء المهام و قد يتلاشى التنظيم,فلو أن كل مكلف قام بمهمته لهان الأمر و لنجح التنظيم في أداء الرسالة المؤسس من اجلها,وفي بعض الأحيان يكون رئيس التنظيم مستبد بالرأي فيستحوذ على جميع المهام أي انه يعمل كل شيء لوحده كالقيادة و الأمانة و الكتابة والمالية و يبقى الآخرون كالمتفرجين و في النهاية يتعب و بالتالي يكون مصيره الفشل و لا يجد من يقف معه.و على هذا تفطن قادة الحركة الكشفية لهذا الأمر فجعلوا سلوك تقسيم المهام سلوك يتميز به الفتية منذ نعومة أظفارهم يعملون مثل النمل و النحل بتعاون تام.ويعتبر هذا النظام مفتاحا للطريقة الكشفية حيث قال مؤسس الحركة اللورد روبرت ستيفنس سميث بادن باول {{وضع فتيان في جماعات دائمة تحت قيادة أحد أفراد تلك الجماعة بحيث تكون مجموعتهم هي منظمتهم سواء برغبة المعاكسة البريئة أو التسلية}}.ويمتاز هذا النظام بعدة مزايا حيث انه فيه يتم إنكار الذات أخذا بالمقولة لقائلة{{الغنم للجماعة و الغرم عليها}}و كذلك القول الآخر{{الكل يعمل و الطليعة تفوز}}.وكما نعلم أن المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.ويوفر نظام الطلائع للكشافين و يعودهم على ما يلي:-
– التعاون:- حيث نجد أن أفراد الطليعة متعاونين في أداء مهامهم من اجل تحسين مستواهم الكشفي و من اجل أن تظهر هذه الطليعة بشكل يرضي الجميع فنجد الكل يسعى ويكد بكل ما أوتى من قوة و همة من اجل سمعة الطليعة و لا مجال للكسول بينهم.
– إنكار الذات:- حيث يصبح الكشاف لا تهمه نفسه بل يفكر في إخوانه و يذوب في هذه الطليعة و يصبح يفكر بفكر الطليعة مع إبداء رأيه ويشارك في التخطيط و التنفيذ لبرامج الطليعة فإذا فازت الطليعة فيكون هو قد فاز أيضا و إذا خسرت فهو كذلك قد خسر فتحاسب الطليعة مجتمعة.يحضرني هنا مثال أننا في أحد قوانين الأشبال {قانون الغابة} نقول:الشبل يفكر دائما في الآخرين.أي يتعلم الإيثار و يؤثر غيره عن نفسه .يقول الحق تبارك وتعالى {{و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة}}.وتحضرني كذلك قصة الصحابة الثلاثة في أحد الغزوات الإسلامية انهم في المعركة اشرفوا على الهلاك وكادوا يموتون من العطش و التعب من جراء القتل أصيبوا بجروح قاتلة فسمع أحد الصحابة و لم يكن مصاب أحدهم يطلب الماء فأسرع إليه بالماء فلما أراد أن يشرب سمع الثاني يطلب الماء فقال له: اذهب إلى أخي فانه اكثر مني عطشا فلما ذهب إلى الثاني و أراد أن يشرب سمع الثالث يطلب الماء فقال له: اذهب إلى أخي فانه اشد مني عطشا فلما وصل إلى الثالث وجده قد مات, فأراد أن يعود للثاني فوجده قد مات فلما عاد للأول و جده قد مات كذلك,فمات الثلاثة و الكل يؤثر أخوه عن نفسه و هو على حافة الموت.
– البحث عن المعرفة:- يفكر الجميع في رفع مستوى الأداء في الطليعة بواسطة البحث و التنقيب و السؤال و الرغبة في التعلم و الاحتكاك بالآخرين{{الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها}}.
– تنمية القدرات:- في جميع النواحي روحيا عقليا اجتماعيا..الخ.
– الثقة في النفس:- للوصول لاعلى المراتب و لتحقيق المستحيل.
– تحمل المسؤولية:- لا يبقى عضو في الطليعة بدون مسؤولية حتى يتعلم الجميع ما هي المسؤولية و كيفية القيام بها على احسن وجه فأحدهم عريف و الآخر نائب و أحدهم أمين المال و الآخر كاتب و هلم جرا.
– إتقان العمل:- تسعى كل طليعة و كل عضو فيها للتميز غير مكتفية بالنجاح فقط و لهذا يجب أن تكون على قدر كبير من الانضباط والتنظيم و أن يكون عملها متقنا على احسن وجه.
– الانتماء للجماعة:- نلاحظ أن أعضاء الطليعة الكل له الغيرة على هذه الجماعة التي ينتمي إليها يكره لها الشر و يحب له الخير ويدافع عنها و يقدم لها كل ما يستطيع و يربط بين أعضائها رباط الاخوة و التسامح لانهم يشتركون في وحدة المصير المشترك والشعور بالخطر و القاسم المشترك.
– الشجاعة في إبداء الرأي:- بواسطة اجتماع الطليعة ومجلس الشرف و الوحدة يتعلم الكشاف مبادئ الديمقراطية و الاستماع إلى الغير و احترام أراء الآخرين و الدفاع عن آرائه بكل شجاعة وهدفه من وراء ذلك إيجابي من اجل التحسين والتطوير و معالجة المشاكل…الخ.لا من اجل الإحباط و تثبيط الهمم.
– التنافس الشريف:- ويكون ذلك بواسطة الألعاب وركن الطليعة و البيت الجميل و النشاطات و التقدم في المراحل الكشفية و الحصول على الأوسمة و الشارات يتنافس الكشافون فيما بينهم تنافسا شريفا متقبلين الفوز و الخسارة و لا تكون الخسارة سببا للفشل بل طريقا للنصر و شحذ الهمم للفوز في المستقبل ومضاعفة الجهود ويكون تقبل الهزيمة بصدر رحب و ابتسامة لا بالحقد والكراهية.
– سهولة التدريب:- يسهل على القائد تدريب العرفاء و نوابهم {الطليعة العليا} لان عددهم قليل فالنتيجة تكون اكبر فكيف سيدرب القائد لو كان العدد مثلا 32 كشافا.و العرفاء و نوابهم هم بدورهم يقومون بتعليم الأعضاء ما تعلموه في مجلس الشرف و بهذا يصبح العريف و نائبه قادرا على تدريب أقرانه مقلدا للقائد و هذه فائدة كبيرة لا نجدها حتى في أرقى المدارس و الجمعيات و لهذا نحن في الكشفية نصنع الأستاذ و النجار والبستاني و الفنان و الرياضي…الخ منذ نعومة أظفارهم و نكتشف الطاقات.
فكل ما ذكرناه يعد قطرة من بحر مما يزخر به هذا النظام من فوائد و من خلاله يصل الفرد الكشاف الذي نسعى لاعداده للمستقبل بان يكون مواطنا مسؤولا نافعا لمجتمعه.ولعل اقرب مثال لهذا النظام هو فريق كرة القدم المكون من اثنا عشر 12 لاعبا فكل لاعب يجب أن يبذل جهده وأي لاعب قد يتهاون في أداء دوره سيكون متسببا بشكل كبير في الهزيمة المتوقعة لفريقه كاملا فلا يستطيع مثلا حارس المرمى القيام بدوره إذا لم يساعده الدفاع, و الدفاع لا فائدة منه إذا لم يكن هناك حارس مرمى و الهجوم لن يقوم بدوره إذا لم يساعده الوسط ويرسل إليه الكرة و الكل إذا لم يكن هناك طاقم فني و مدرب يسهر على تدريبه و تقويمه و إعداده فلن تكون هناك فائدة ترجى من هذا الفريق ولن يصل إلى أعلى المراتب.
***نظام الشارات:-
هو تدريب متدرج يتناسب مع ميول الفتية ليكتسبوا المعلومات و المهارات الفردية و الجماعية التي تعاونهم على تكامل نموهم و تقبلهم للعمل بالوعد و التحلي بصفات القانون و هي مشجعة لهم.
إن ديننا الحنيف مبني على مبدأ الثواب و العقاب و تشجيعا للمؤمن للزيادة من الطاعات و ترك المنهيات كانت هناك عدة أحاديث شريفة و آيات قرآنية كريمة تشجع مثلا على الصيام و يكون دخول الصائم للجنة من باب الريان وباب خاص لمن يعامل الصبيان برفق و يحبهم, والحاج يغسل من ذنوبه كيوم ولده أمه ,وكان جزاء المجاهد بنفسه من اجل إعلاء كلمة الله بالنفس وهي أغلى ما يملك الإنسان الحياة الأبدية و تستقبله الحور العين في الجنة مباشرة بعد موته ونفس الشيء ينطبق على الزكاة و الصلاة و سبل الخير,من يعمل كذا وكذا فجزائه و له كذا وكذا.وهذا ما خلق جو من التنافس الشريف بين المؤمنين في الخيرات و الطاعات.ولهذا في الحركة الكشفية كان لنظام الشارات فائدة كبيرة رغم انه رمزي, شارة تعلق على القميص أو شهادة ورقية تعطى له في حفل صغير لكن لها الكثير من المعاني بالنسبة للطفل.وكم فشل كشافون بسبب عدم وجودهم للتشجيع في فرقهم و تركوا هذه الحركة و كم نجح آخرون بسبب و جود هذا التشجيع و بذلوا أقصى ما يستطيعون من العمل الجاد بدون كلل و لا ملل من اجل الوصول و الارتقاء إلى أعلى الدرجات في هذه الحركة ويشمل نظام الشارات ما يلي:
– أ}شارات الكفاءة أو الجدارة:- وتتضمن التربية البدنية و الأنشطة العلمية و الفنون الكشفية و التربية الوطنية و الاجتماعية و التربية الصحية و الرياضية و التربية البيئية…الخ.إن هذا النوع من الشارات يبحث في المناهج الكشفية التي يمارسها الفتية باختيارهم بما يتناسب و قدراتهم العقلية و الجسمية ليتدرجوا في مراحل الكشافة المختلفة{الكشاف المبتدئ,الكشاف الثاني,الكشاف الأول}.
– ب}شارات الهواية:- خصصت هذه الشارات للنابهين من الفتية في مجال محدد ليمارس الفتى ما يستهويه من أنشطة تتناسب مع ميولاته و قدراته و إمكانياته و بما يعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع و الفائدة و هي مجموعات كالآتي:-هوايات الخلاء,الهوايات الفنية,الرياضية,الخدمة العامة,الثقافية,الزراعية…الخ.أن الهدف منها جميعا حث الأفراد على التقدم الشخصي و بث روح التنافس بين الجماعات…الخ.طبيعي إن منح الفتيان الشارات المتتالية هو طريقة سهلة ومشجعة للعمل و قد تدرب القادة الذين يسلكون هذا الطريق على الاستفادة من تحديثات الطليعة و على اختيار الطليعة للأنشطة و على فهم ما يتطلب إلى فريق الكشافة تحقيقه.ومجمل القول حول هذا البند هو مساعدة الفتية على ما يلي:-
1 – مساعدة الفتية لتعليم بعضهم بعضا.
2- التلائم والإخاء بين جميع الفتية.
3- العمل مع الجماعة من خلال أعمال الطليعة و الفرقة.
4- تعلم الكشافين حرف تساعدهم في حياتهم المهنية مستقبلا.
فبما أن الفرد في نظام الطلائع يذوب في الطليعة فانه في نظام الشارات يحقق و يثبت ذاته ففي نظام الطلائع و كأنه في النظام الاشتراكي و في نظام الشارات و كأنه في النظام الرأسمالي ثم يمزج بين الاثنين من اجل التقدم و التدرج و الحصول على الشارات.
***التعليم بالممارسة:-
يتعرف الكشاف على السهول و الجبال و الوديان و استعمال الخارطة و العقد…الخ.بنفسه بما يطلب منه القيام به من أعمال تحت رعاية القادة ويتم ذلك عن طريق الحواس{السمع,اللمس,الرؤية…الخ} و هي اتصال الكشاف اتصالا مباشرا بالحقيقة الحية لبيئته الاجتماعية و بذلك يكون اكثر و عيا من أن يستمع إلى سلسلة من المحاضرات في هذا الموضوع.فقد يضيع القائد وقتا كبيرا و هو يقوم مثلا بمحاضرة حول نجوم الشمال أو كيفية ربط عقد الإنقاذ أو كيفية الصلاة أو الوضوء أو نصب الخيام …الخ و لكن تعليم هذه الأمور للكشافين عن طريق الممارسة فستربحه وقتا كبيرا و سرعة في التعلم و الفهم فيكفي أن تأتى للأشبال و تقوم أمامهم بطريقة الوضوء فعليلا ثم تطلب من كل واحد منهم القيام بذلك مع تصحيحك للأخطاء إن وجدت و يكفي في خرجة خلوية أن تطلب منهم نصب الخيمة وتشرح ذلك لهم في فترة قصيرة مستعينا بهذه الخيمة وتتدخل عند الضرورة و يكفي في خرجة ليلية أن تريهم في السماء كيف نستطيع التعرف على النجم القطبي و ذات الكرسي و الثريا و الجوزاء و الشعرى اليمانية…الخ.وسيتبين لك انهم يستمتعون بذلك و كلهم شغف و حب لمعرفة الكثير و نجد أن الأسئلة تنصب عليك كوابل المطر و أن إيصالك للمعلومة كان سريعا و كافيا خارجا عن الروتين وان الحواس قد اشتركت في استيعاب المعلومة كاستماع الكلام ورؤية التطبيق و السؤال و الاستفسار و اللمس من اجل التجريب و الذوق في بعض الأحيان فقد رأينا أن كثير من الكشافين أو حتى القائد يخاف لما يعلم بان الكشاف عليه إتقان 63 عقدة و لما يلاحظ الكتب الخاصة بالعقد و يرى التعقيد في ربط بعض العقد فيتعقد وقد يفشل في تعليمها ولكن لو استعان بخبير يتقنها لتعلم جميعها في بضعة أيام و اكتشف سرها ومارسها بيده و البعض يخاف من التوجيه و خاصة النجوم لان السماء مليئة بها و تظهر له وكأنها متشابهة وما أن يبينها له خبير بذلك حتى يصبح يستمتع برؤيتها و لا يمل مراقبتها و هكذا دواليك.
***حياة الخلاء {لا كشفية بدون حياة الخلاء}:-
إن الخلاء هو البيئة المناسبة لتطبيق برنامج الكشافة بمختلف أنشطته ففيه يتم تعميق الإيمان من خلال دراسة الطبيعة و أداء الفروض الدينية و الشعور بالوطن و معايشة البيئة و الرياضة و التعاون و الشجاعة و الثقة بالنفس و الرجولة و فيه يتعرف القائد على كشافيه من كل النواحي عيوبهم قدراتهم لانهم لا يستطيعوا أن يخفوا عليه أي شي ويتعلم الكشافون في الخلاء تخطي الصعاب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم {{اخشوشنوا فان الحضارة لا تدوم}}.
وبالنسبة للكشاف يعتبر الخلاء بالنسبة له كالماء بالنسبة للسمكة و الكثير من يجهل هذه الميزة.يقول بادن باول المؤسس{{سالت مرة قائد للكشافة في مدينة كبيرة كيف يقوم برحلاته الخلوية؟فأجاب انه لم يقم برحلات خلوية مطلقا ذلك لان فتيانه كانوا يفضلون على الرحلات الخلوية الحضور مساء السبت إلى ناديهم .و إن لهم العذر في تفضيل ذلك لانهم تعودوا العمل داخل الجدران بدل العمل في الخلاء}}.ففي الخلاء يتحرر الكشاف من الجدران {البيت,المدرسة,النادي…الخ}و يتحرر من فوضى المدن و الأصوات الصاخبة و التلوث ويستأنس بخرير الماء وزقزقة العصافير و صوت الحيوانات و تمايل الأشجار و النسيم العليل و الرمال الصافية و الفضاء الرحب و ضوء القمر و زينة النجوم و حركتها ويتسلق الأشجار و يصعد الرمال و الجبال يجري و يمرح ويلعب.وحياة الخلاء ليست غريبة على الإنسان العربي ففي القديم و في مكة بالذات كانوا يبعثون أولادهم و هم صغار حديثي السن إلى الأرياف إلى القبائل العربية في الصحاري حتى يتعلموا اللغة الصحيحة و يشتد عودهم و تقوى بنيتهم و يتعرفوا على مكنونات الطبيعة عكس ما هو الحال في مكة.يقول الكسندر دوماس الابن{{لو كنت ملكا لما سمحت لطفل دون الثانية عشرة أن يعيش في المدن يجب ان يعيش الفتيان حتى يبلغوا هذه السن تحت أشعة الشمس و في الحقول و الغابات و أن يصاحبوا الكلاب و الخيل و يعيشوا وجها لوجه مع الطبيعة التي تقوي أجسامهم و تدفعهم إلى حب الاستطلاع الذي يفيدهم في التربية اكثر من كتب قواعد اللغة الموجودة في العالم.انهم سيفهمون الضوضاء الناشئة من أصوات الحيوانات و الطير وحفيف الأشجار كما سيفهمون هدءات الليل على حد سواء و سيتجلى لهم خير ما في أديانهم و اعني بها تلك العجائب التي يظهرها الله جل شانه في مخلوقاته فإذا بلغوا الثانية عشرة و قويت أجسامهم و نضجت عقولهم و اتسعت مداركهم يستطيعون أن يتقبلوا التعليم النظامي الذي يحق لهم أن يحصلوا عليه و يمكن تحصيله في أربع سنوات أو خمس و انه من سوء حظ الصغار و من حسن حظ فرنسا أنني لن أكون ملكا يوم ما لذلك فكل ما أستطيع عمله أن أسدى النصح و اقترح الطريقة: هي أن تجعل التربية الجسمية الخطوة الأولى في حياة الصبي.}}.
ومن فوائد الخروج للخلاء انه يبعث في الإنسان الارتياح والاطمئنان ونسيان الهموم و التخلص من تعب العمل و الدراسة .لما كنت في مرحلة الدراسة الثانوية كنت اذكر أنى اخرج رفقة أصدقائي في الجوالة إلى الخلاء مساء كل جمعة بعد صلاة العصر نتجول في الرمال و الغابات قاطعين مسافة اكثر من 10كيلومتر بغية التخلص من تعب الدراسة و التفكير فكنا بعد إنهاء الجولة نحس بالراحة وتعب المشي لكن ننام نوما هادئا وننهض للغد للدراسة بنفس جديد واستعداد اكبر وهذا كله من نعم الله علينا.
و أخيرا فهذه هي عناصر الطريقة الكشفية و فوائدها و ميزاتها و لا تكفي حتى الكتب للتكلم على هذه الطريقة و التي لو طبقت في أي تنظيم أو جماعة لأتت أكلها و الحمد لله فلقد اقتنعت بعض المدارس و بعض المعلمين و الأساتذة بها و بدءوا يطبقون بعض بنودها.فعليك أخي القائد إذا أردت تنجح في أداء رسالتك مع الكشافين بفهمها و تطبيقها وسترى العجب العجاب و الله المستعان.
التخطيط في الحركة الكشفية
يعتبر التخطيط هو الأساس اللازم لتنفيذ الأعمال على جميع المستويات ، فهو ضروري لتنفيذ الأعمال والبرامج على أسس علمية مدروسة توضح طرق ووسائل تنفيذها مما يوفر علينا الكثير من الجهد والوقت ، كما أن الواقع العملي والتجربة أثبتتا أهمية الاعتماد على التخطيط في جميع نشاطاتنا وتصرفاتنا وجعلها جميعاً مقرونة بخطة واضحة تحدد خطوات وإجراءات تنفيذها .
فالخطة هي بمثابة الطريق الذي يرشدنا إلى سبيل تنفيذنا لأهدافنا بكفاءة وفعالية عالية بعيداً عن العشوائية والارتجال التي تؤدي إلى إهدار طاقاتنا وإمكانياتنا دون الوصول إلى ما نصبوا إليه من أهداف وغايات .
ويمكن تعريف التخطيط كالتالي :-
هو رسم صورة مستقبلية لما ستكون عليه الأعمال ، ورسم السياسات والإجراءات المناسبة للوصول إلى الأهداف والغايات المرجوة في أقل جهد وتكلفة ممكنة .
أنواع التخطيط :-
ينقسم التخطيط من حيث الزمن إلى ثلاثة أنواع :
1 / تخطيط طويل الأجل :- وهو يتراوح من 6 إلى 10 سنوات إلى 20 سنة .
2 / تخطيط متوسط الأجل :- وهو يتراوح من 3 إلى 6 سنوات .
3 / تخطيط قصير الأجل :- وهو يتراوح من سنة واحدة فأقل إلى 3 سنوات .
ولو نظرنا إلى التخطيط داخل المفوضية الكشفية لوجدناه من النوع الثالث .
أسس التخطيط الناجح :-
هناك عدة أسس للتخطيط الناجح ممكن أن نجملها في الآتي :-
1 – الواقعية :-أي تكون الخطة غير مبالغ فيها أو فيها شئ من الخيال بل يجب تكون في حدود الإمكانيات البشرية والمادية .
2 – المرونة :-أي لا تكون الخطة جامدة لا يمكن تغييرها بل يجب أن تتسم بقابلية التغيير والتحريك والتبديل داخل أجزاء الخطة حسب الظروف والأحوال التي تصاحب التنفيذ .
3 – الشمولية :-أي أن تشمل الخطة جميع الأنشطة من ثقافية واجتماعية ورياضية وكشفية ودينية ، وغيرها كما يجب أن تشمل جميع احتياجات ورغبات الكشافين .
4 – البساطة والوضوح :-أي أن تكون الخطة مبسطة وغير معقدة بالرموز والأرقام وكثرة التشعبات وأيضاً واضحة يستطيع كل من يقرأها أن يفهمها سواء كان من الكشافين أنفسهم أو من غيرهم .
5 – المشاركة في وضع الخطة :-أي يجب أن لا يستأثر المفوض برأيه في وضع الخطة غير مبال برغبات وتطلعات واقتراحات هيئة التدريب ومتناسياً خبرة وتجارب زملائه في مجال تخصصاتهم التي قد يستفيد منها ، بل يجب أن يستشيرهم في البرامج ويراعي رغبات المنتسبين للمفوضية ويستغل خبرة زملائه المعلمين بما يحقق المنفعة والفائدة لكل المنتسبين للمفوضية .
6 – التناسق والانسجام :-أي أن تكون جميع أجزاء الخطة وبرامجها متناسقة ومنسجمة مع بعضها وليس فيها تعارض أو تكرار كما أنه يخدم بعضها البعض الآخر وهكذا .
7 – الفعالية في الخطة :-ومعنى ذلك أن تكون الخطة الناتجة عن هذا التخطيط لهذه البرامج بعد تنفيذها أكبر من التكاليف المنصرفة عليها سواء التكاليف المادية أو البشرية .
التخطيط في المجال الكشفي
إن أي عملية تدريبية يلزم لنجاحها تخطيطا مسبقاً مبرمجاً يراعى فيه جميع الجوانب اللازمة لأي نوع من التدريبات أو الأنشطة ، سواء كانت هذه العملية تخطيط مشروع قريب المدى كإقامة معسكر أو مخيم أو دورة ، أو مشروع بعيد المدى كعمل خطة لمدار السنة لفرقة أو مفوضية أو مركز ويعتمد ذلك على إتباع الأسس الثلاثة
التالية :-
1 – المشاركون :
يجب الاهتمام بمن سوف يشارك في هذه العملية بمراعاة الأمور التالية :-
– إعداد قائمة بأسماء المشاركين .
– معرفة طرق الاتصال بهم .
– إخبارهم مسبقاً بالهدف من المشروع .
– إعطائهم الوقت الكافي .
2 – البرنامج
وهو من الأسس الهامة في عملية التخطيط ، ولوضعه علينا اتباع التالي :-
– تحديد الهدف من العملية .
– وضع برنامج كامل عن العمل من البداية للنهاية .
– توزيع الأعمال والمسئوليات .
– المتابعة .
3 – التجهيز :
وهو إحضار وإعداد وترتيب الإمكانيات اللازمة قبل المهمة بوقت كاف ، وعلينا مراعاة ما يلي :
– اختيار المكان المناسب .
– الاستقبال وأماكن الجلوس – المرطبات ………
– الأدوات والخامات اللازمة لتنفيذ المشروع .
– وسائل الاتصال – الموصلات – اللوحات الإرشادية .